أحكام قضائيَّة غير رادعة

آراء 2021/03/28
...

 إياد مهدي عباس 
 
 إن الأهداف الاساسية من تشريع القوانين هي تنظيم حياة الفرد والمجتمع وحفظ الأنفس والحقوق وحماية الممتلكات الخاصة والعامة.  وان ارتفاع معدلات الجريمة في أي مجتمع هو مؤشر على وجود تراجع في أداء المؤسسة التشريعية والقضائية لذلك المجتمع.
ومما لايخفى على احد ان الجريمة في مجتمعنا انتشرت وتنوعت بشكل كبير واصبحت مدعاة للقلق، فسرقة المال العام من قبل المسؤولين والقتل الممنهج والخطف من قبل عصابات الجريمة المنظمة وتجارة المخدرات هي عناوين تتصدر الصحف اليومية ونشرات الاخبار ووسائل التواصل الاجتماعي بمختلف انواعها، فأصبحنا لا نبالي كثيرا حينما نرى او نسمع عن جرائم اقتصادية او غير اقتصادية تحدث في دوائرنا او في محيطنا الاجتماعي لأنها أصبحت جزءا من حياتنا اليومية. 
وان أخطر ما يمر به المجتمع هو تحول الفعل المخالف للقانون الى ظاهرة اجتماعية مألوفة والتعايش معها بشكل طبيعي من دون اي رادع قانوني او اجتماعي، كما ان الاثار السلبية لهذا التعايش تكون خطيرة على سلوك الفرد والمجتمع؛ لانها عملية ترويض الانسان العراقي وجعله يألف الفعل المخالف للقانون والنظر اليه على انه فعل مباح وغير ضار، ومن ثم سوف يؤدي الى انتشاره وتحوله الى سلوك يومي مقبول يتعامل معه الجميع..     
  ومما يدعونا للقلق بشكل حقيقي وجدي هي الاحكام القضائية الصادرة من قبل بعض المحاكم العراقية بحق مرتكبي هذه الجرائم  فهي احكام بسيطة وغير رادعة ولا تنسجم مع حجم الجرائم المرتكبة وآثارها السلبية على المجتمع. 
فحينما يصدر حكم قضائي بالحبس لمدة عامين على مسؤول قام بسرقة ملايين الدولارات من الاموال العامة، فمن المؤكد ان هذه العقوبة غير كافية لردعه او ردع الاخرين عن القيام بفعل السرقة بل هذه الاحكام المخففة هي بمثابة ضوء اخضر للسرقة وعامل مشجع للاخرين للاستحواذ على المال العام وسرقته.
وبما ان المواطن طرف اساسي في هذه المعادلة فمن حقه ان يتساءل عن سبب التهاون والتساهل مع مرتكبي هذه الجرائم من قبل القضاء العراقي، وعن سبب صدور هذه الاحكام البسيطة وغير الرادعة بل والمحفزة احيانا لضعاف النفوس للتمادي في ارتكاب الجرائم والتجاوز على حقوق الفرد والمجتمع.. 
ولكي يتم اصلاح ما أفسده السراق والمجرمون وحماية المجتمع منهم لا بد من مراجعة الاحكام القضائية الصادرة بحق هذه الجرائم ومرتكبيها والوقوف على اسباب التهاون فيها، وان تكون المؤسسة القضائية في مأمن ومنأى عن الضغوط السياسية والحزبية كي تمارس دورها بشكل سليم وفعال من اجل حماية المجتمع وحفظ ممتلكاته الخاصة
 والعامة..