{ليل البنفسج} انكسار السكوت أمام حضرة الحبيب

ثقافة 2019/04/05
...

سعد صاحب
هشم الشاعر الكبير مظفر النواب , الوزن والقافية في قصيدة ( ليل البنفسج ) , رغم انها مكتوبة على بحر الرمل ( فاعلاتن / فاعلاتن / فاعلاتن ) , لكنه تلاعب بالتفاعيل كما يشاء , خالقا جرسا موسيقيا يشد الاذن المرهفة , كذلك القوافي المتناثرة بالكاد ان يمسك بها المتابع , وهذا ما اثار الملحن ( طالب القره غولي ),للولوج في عوالمها الغرائبية , وايقاعاتها الداخلية المغرية للانصات والتلحين .
 طعم
الطعم مرتبط بالطعام , وهذا توصيف شاعري جديد على الذائقة , يعني ان المخاطب ضد المجاعات المنهكة للشعوب الفقيرة , والشبع طريق الاستقرار والحب والالفة والنظام , والجوع فاتحة الحروب المستمرة. اما ليل البنفسج , فهو ليل الرومانسية الذي يمد الكون بالبقاء , والجمال والعطور والندى والطراوة والانغام والسعادة . والحلم قرين الحياة والتطلع والاماني والطموح , الروح تحلم بالغائبين , والذاكرة مزيج من الماضي والمستقبل والمستحيل والخيال . وفجأة هذه الاشياء الثمينة تغدو لا شيء , وكل الامال العظيمة , تصبح حلما عاجزا ان يكون حقيقة . 
( يا طعم / ياليله من ليل البنفسج / يا حلم / يمامش بمامش ).
 
ذهب
قلب الشاعر رقيق كما الذهب , لين وناعم وخامل , اصفر اللون من كثر الطعنات , ويميل قليلا الى الحمرة . هو فندق كبير يسع للفقراء والمشردين , لا يدوم الا بالغناء والبكاء والجراح , والحنين والقوة والنداء والعشق والتواضع والعطف والشعور . وبما ان الذهب معرض للرخص والغلاء , فان الصائغ الماهر , لا يتخلى عن مصوغاته الذهبية الاصيلة , مهما نزلت الاسعار , ويبقى يطالب بالثمن الغالي , ويتباهى بما صاغ من الجواهر . ليس سعيا وراء الارزاق , وانما تقديرا للجهد المضني , واحتراما للابداع المتفرد , والامر سيان عند الربح والخسارة . 
(طبع كلبي من طباعك ذهب / ترخص واغليك واحبك ).
 
سكته
الشاعر متعود على حبيب ظلوم , صار سرا ابديا في عالم السكوت , والصمت باب مفتوح للتأمل والمراجعة والتهذيب , والابتعاد عن الضجيج الخالي من الفائدة , واراحة الروح من الاضطراب والقلق والارهاق والوساوس . السكتة في هذا الشطر بمثابة الانكسار , او كمال بليغ بلا حديث او كلام , وما اروع العود الصامت الذي يدعونا الى الاصغاء . 
(انه متعود عليك هواي يسولة سكتي / يسولة سكتي ).
 
وحشة
( الطواري ) هنا الاخبار التي تجيء من عالم الظلام , محملة بالاخلاص والوفاء والاصرار والامل والايمان , تقابلها وحشة الشاعر القاتلة , بحيث امست حتى الثياب غريبة , على الجسد النحيل قبل اللقاء , والاستيحاش حتى من العيون الغالية , ومن شعاعها النافذ في
 القلوب . 
وبعد هذه الاشطر القصيرة , ياتي القطع بمفردة واحدة , ( ولمتني ) ربما تكون من الالم او الموائمة , وهكذا تعلم العاشق على الحرمان الدائم ,فالوجد اذابه كثيرا كالثلج المائع في المنحدرات , بفعل نار الاشواق 
الملتهبة . 
( يا طواريك / من الظلمه تجيني / جانن ثيابي علي غربه كبل جيتك / ومستاحش من عيوني / ولمتني / وعلى المامش علمتني / انه حبي هواي كبلك
 ذوباني ).